قد اشتري ديوانا لشاعر لبيت أو بيتين ثم لما أقرأالديوان أقول لو أني لم أشتره أفضل لأنه ليس فيه بيتا واحدا بقوة ذلك البيت الذي دفعني لشرائه.
قد اشتري ديوانا لشاعر لبيت أو بيتين ثم لما أقرأالديوان أقول لو أني لم أشتره أفضل لأنه ليس فيه بيتا واحدا بقوة ذلك البيت الذي دفعني لشرائه.
أحسنت وأجدت شيخي الفاضل..
قد نهجت السبُل، وأبنت المثُل.
فالنظم التام هو التكامل التام والانسجام التام
مثاله: القرآن الكريم؛ فهو البيان المعجز
أما البيان البشري فهو قاصر؛ ولذلك هو في حالة تساؤل مستمر وبحث دائب عن الأسرار والدلائل.
والشعر العالي له نصيب من جودة النظم، وللشعراء أنصبة..
وتبقى السؤالات مستمرة في محاولة كشف كنه البيان البشري القاصر؛ فكيف بالبيان الإلهي!
وأحسب أن حلول مثل هذه السؤالات النقدية الكبرى في إطارها الشعري الخاص وفي إطار البيان بشكل عام ــ لن تنضوي إلا تحت جناح هذه النظرية الجامعة: نظرية النظم، ولن تنطوي إلا في أثنائها، ولن تدخل إلا في جملتها.
كما أراد لها صاحبها الأول في صورتها الحية المتجددة الشاملة.
والله أعلم،،،
وبارك الله في علمكم وفهمكم،،،
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 27-11-2020 في 01:58 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
السلام عليكم أخي الكريم الأستاذ أحمد بن يحيى.
أتيتُ ناقدا فتُرى هل ممدوحك المقصود هو أبو الطيب أم هو شاعر آخر تمدحه من خلال شخصية أبي الطيب بقصيدتك هذه؟
أحمد إبراهيم محمد
مصر/ قِنا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك أخي أ.أحمد زائرًا حفيا وناقدا كريما
وهل يصلح الشعر إلا بالنقد!
وجوابا على استفسارك أقول:
كل الإشارات في القصيدة ــ وخصوصا الشعر المقتبس ــ تدل على أن المقصود بالمدح هنا هو الشاعر العباسي المعروف أبو الطيب المتنبي
رحمه الله تعالى وتجاوز عنه .
وشكر الله لك مرورك الكريم
مع خالص التحية والتقدير،،،
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
ولك خالص التحية والتقدير أخي الكريم الشاعر الكبير والناقد القدير الأستاذ أحمد. أشكرك شكرا جزيلا على ترحيبك بالنقد،
أدعو الله أن يكون مفيدا للناس. إن شاء الله، قريبا جدا تكون لي زيارة أخرى لأجل نقد القصيدة، نقدي لا يتعلق بالنقد اللغوي
والفنِّي وإنك وكما ذكرتُ سابقا شاعر كبير وناقد قدير فإذ وقع خطأ فإنه لا يُشينك فكلنا دائم الحاجة لِأن يتفضل علينا اللهُ
سبحانه وتعالى بشيءٍ من العلم، إنما يتعلق نقدي برأي فكري أحب أن أذكره. إن شاء الله لن أتأخر.
أدعو الله أن يبقى الودُّ موصولا.
أحمد إبراهيم محمد
مصر/ قِنا
اذا لم يكن كلام الأستاذ أحمد إبراهيم حول نقض رئاسة المتنبي للشعراء ما رأيك ياشيخ أحمد أن ننشيء موضوعا حول هذا الأمر.
التعديل الأخير من قِبَل العر بية لسان قومي ; 01-12-2020 في 07:46 AM
لنبدأ بإذن الله بموضوع الشاعرية.
قالوا أن المتنبي حكيم وليس شاعرا ويروى قول منسوب للمعري أن أباتمام والمتنبي حكيمان والشاعر البحتري ورأيي أن شاعرية المتنبي تظهر جلية واضحة في شعر المعارك أما في غيره فهي نسبية ويظهر تأثره بالمنطق أو الحجة ويكثر في التشبيه الضمني مثل :
فإن فقت الأنام وأنت منهم
فإن المسك بعض دم الغزال
فما قولك يا شيخي أنت وجمهور المتنبي في هذا إذ أن الشاعرية هي أصل الشعر التي لايسمى بدونها شعرا.
السلام عليكم ورحمة الله
تحية طيبة، وبعد:
فجزاك الله خيرًا شيخنا الفاضل على هذا الفيض النقدي المتصل.. وليس ذلك بمستغرب منك. بارك الله فيك!
وليس أخوك أبو يحيى إلا متذوقا للشعر يعجب حينا ويطرب أحيانا؛ فيرشح إعجابه بقصيدة هنا أو تعليق هناك، وليس ناقدا متمكنا ممسكا بأدوات النقد ومتمرسا فيه.
وقد افتتحتَ ـ أستاذي الفاضل ـ موضوع الحوار بالحديث عن الشاعرية (وهي تقريبا النقد الشعري كله)؛ فزاد ذلك من وقع الهيبة في نفسي من أن أخوض في ذلك الغمار؛ لبعد القعر وخشية الغرق! فاستدركتُ بقولي الذي سبق.
ولكنْ لعلي أكتفي هنا ببضع إشارات ذكرتها في القصيدة لعل فيها إلماحا من بعيد إلى بعض دلائل شاعرية المتنبي؛ ولست أقول: مظاهرها أو محدداتها أو تجلياتها فضلا عن كنهها أوما هيتها؛ فذلك هو القعر البعيد الذي أخبرتك عنه!
وهما إشارتان مرتبط أولها بالثاني. وأزعم أن في القصيدة إشارات أخرى كثيرة لتلك الشاعرية لمن تأمل ونظر، ولولا أن أضيق أفق القصيدة ـ ولضيق الوقت ـ لشرحتها كلها، ولكني أكتفي بالقصد:
الأولى :
وفيه دلالة سيرورة الشعر بنوع خلود يكون به فضله وتقدمه؛ كما قال دعبل الخزاعي في بيت سائر له انتشر هو كذلك لجودته وتقدمه في معناه ولأنه يضرب بسهم في صميم النقد:لئن صرت في ضيق من اللحد مفردا * لشعرك وافى النيرين فأقصدا
يموت رديء الشعر من قبل أهله * وجيده يبقى وإن مات قائله
وليست هذه السيرورة بالأمر الهين، وقد حاز فيها أبو الطيب القدح المعلى، وسبق فجلى؛ حتى جرى شعره على ألسنة العامة قبل الخاصة؛ أميهم قبل متعلمهم، وجاهلهم قبل عالمهم. وهذا أمر جدير بالنظر والتمحيص والبحث في أسبابه وآلياته.
ولا يخلد الشعر إلا بخلود أسلوبه؛ فلا وجه ثمة للتفريق بين لفظ ومعنى؛ كما لا وجه للقول بأن أبا الطيب كان من شعراء المعاني دون الألفاظ ؛ لأن ثمة أطيافا واسعة بينهما يتزاوج فيها الطبع بالصنعة والحضور الأسلوبي المدهش المتفرد.
ولا وجه أيضا ـ وهو على نحو مما سبق ـ للفصل بين الشعر والحكمة؛ فقد أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (إن من الشعر لحكمة).
ومن ذلك كذلك ما روى كعب الأحبار لما سأله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب عن الشعر، فقال:
(أجد في التوراة قوما من ولد إسماعيل، أناجيلهم في صدورهم، ينطقون بالحكمة).
يقصد: الشعراء.
فالحكمة فضيلة للشعر كما ترى.
وهي ترفع الشاعر المتأخر عن رتبة القدماء أولي الجزالة والمتانة حتى يكون قريبا منهم إن لم يكن مثلهم؛ كما في كثير من حكم المتنبي العالية النظم التي ربما ألحقه بعضها بزهير أو طرفة أو سواهما من شعراء الطبقات العليا في الشعر.
وهذا أيضا من أسباب سيرورة شعر المتنبي وعلوقه بالأسماع والأفئدة.
هذا الانبعاث العجيب لشعر المتنبي في الآفاق؛ كما توقع هو لنفسه بإحساس عال بقيمة شعره الفنية= جعل النقاد يتساءلون في عجب: ما السر في ذلك؟
حتى أجاب أحدهم في مقوله نقدية مدهشة لها ما وراءها:
لأنه: ( ينطق عن خواطر الناس).
فإن لم تكن هذا الجملة دلالة على الشاعرية؛ فماذا إذن!
ألم تكن تسمية الشاعر بهذا الاسم إلا لأنه يشعر بما لا يشعر به الناس؛ ثم يشعرهم به كذلك! والفعل الثاني أصعب من الأول؛ لأنه تحويل للمعنى بالقوة الشاعرة إلى دلالة بيانية مؤثرة.
وقد قرأت كلاما عاليا للعقاد في حمد المتنبي وتفضيله ـ رحمهما الله ـ وهو من هو شدة على الشعراء وإلزاما لهم بالأفق العالي للشعرية. يقول العقاد:
"الحقيقة أن المتنبي جهل نفسه، ولم يكن صادق النظر في أمله، فأضله الأمل الكاذب عن كنه قدراته وطبيعة عظمته، وأحس في نفسه السمو والنبالة، فظن أن السمو لا يكون إلا بين المواكب، وأن النبالة لا تصلح إلا لذي تاج وسلطان وصولجان وعرش وإيوان، فطلب الرجل الملك جادًا في طلبه، وجعل الشعر آلته ريثما يبلغه، فبقيت الآلة الموقوتة، وذهبت الغاية المطلوبة. وظل يسعى طول حياته إلى شيء، وأراد الله به شيئًا آخر. فأحسن الله إليه من حيث أراد هو أن يسيء إلى نفسه، فهو اليوم أظفر ما يكون خائباً، وأخيب ما يكون ظافراً؛ ليس بملك ولا أمير ولا قائد ولا صاحب جاه، ولكنه فخر العرب وترجمان حكمتهم، والرجل الفرد الذي نظم في ديوان واحد ما نثرته الحياة في سائر دواوين التجارب والعظات".
والإشارة الأخرى ـ وهي بسبيل من الأولى ــ:
الشاعر هنا له فضل على الشعر؛ فهو مجده الحافظ له من أن يكون ذكرى مطوية في بطون كتب الشعر ودواوينه.ليهنك مجد الشعر إذ كنت مجده
وهذه الإشارة نحو من الأولى؛ إذ عاد للشعر حضوره بين الجماهير العربية في مختلف الأقطار، وعادت المقولة المأثورة المشهورة: (مالئ الدنيا وشاغل الناس) لتصدح صارخة بملء فيها: ها أنذا!
وهذا الحوار الدائر بيننا وما سبقه من حوارات دليل ملموس محسوس على صحة تحققها وسريان مفعولها إلى الآن.
وهذا أيضا أمر يستحق البحث والتحليل والتعليل.
وهو بحث ممتع في أسرار الشاعرية وخلود الشعر يستحق خوض غماره في محاولة لجلاء أسراره.
هذه إلمامة سريعة مصدرها الإعجاب كما قلت.
وقد وددت ـ أستاذي الفاضل ـ أن أتبسط معك في هذا السبح الشائق؛ لولا مشاغل وواجبات حاضرة تستنزف وقتي كله؛ حتى وقت النوم!
فاعذرني إن لم أتمكن من مواصلة الحوار معك في قادم الأيام.
على أني أدعوك شيخي الفاضل والجمهور الآخر في الضفة المقابلة إلى معاودة قراءة شعر المتنبي بمزيد من النظر والتأمل والمعايشة والمحاورة؛ فذلك مفيد في محاولة استنطاق هذه الروح الشاعرة.
وقد حصل ذلك مع شخصي الضعيف؛ في لحظات نادرة أكون فيها على حافة الحدس الشعري؛ بحيث أتماهى فيها مع نفسية الشاعر في عنفوانها وضعفها معا؛ فتظهر لي عجائب أسلوبية لم أنتبه لها سابقا.
من ذلك قول الشاعر:
ومن عرف الأيام معرفتي بها * وبالناس روى رمحه غير راحم
لم أستشعر الإعجاز الصوتي في توالي الراءات خاصة وأرحامها من الحروف في الشطر الثاني وأثرها في بعث المعنى الشعري والشعوري إلا بأخرة وبعد أن بلغت الأربعين لمّا عرفت معرفة الشاعر وأدركت شكواه.
ثم عدت من بعد لينكشف لي سر أسلوبي آخر كالأول أو أعجب، وهو: عطف الشاعر (وبالناس) على (الأيام) مع إدخال الباء مع المعطوف (الناس) وكان من قبل أدخله على ضمير الأيام (بها) لا (الأيام)؛ وكأن في البيت استدراكا بالإطناب لمعنى أتركه لمتذوقي النظم الشعري العالي؛ لا سيما المعجز منه.
فصدّق أبوالطيب بذلك قوله:
ولكن تأخذ الآذان منه * على قدر القرائح والعلوم
وهذا أيضا مظهر آخر من مظاهر العبقرية الشعرية.
والله أعلم،،،
والحمد لله أولا وآخرا.
مع خالص التحية والتقدير،،،
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 05-12-2020 في 09:15 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
شيخي الفاضل أرجوك ألا تهجر الفصيح وإن كثرت مشاغلك فنحن نتعلم منك لا أقولها مجاملة بل حقيقة.
وأنت معذور فالحوار حول المتنبي يحتاج تفرغ لكن هناك شيئان أود لو أنك تتأمل فيهما :
أولهما : هل التأثير والتأثر دليل على الشاعرية كدلالة الأثر على المسير.
هذا السؤال سألته نفسي وأنا أقرأ شعر المتنبي أم هل التأثر والتأثير يدل على علو البيان شعرا كان أو نثرا.
وكذلك الشاعرية قد توجد في النثر الفني لكن هذه الأشياء تحتاج الى رجل مثل ذلك الذي تروى له حكاية في مجلس بن رشيد أنه يعرف من طعم القهوة أي شيء فيها ولو حبة قمح فطلب بن رشيد ممن طبخ القهوة أن يضع فيها حبة دخن وأن يغليها كثيرا فلما طعمها ذلك الأعرابي قال قهوتكم فيها دخن وأنت من محبي القهوة فكيف يكون مثل هذا.
ثانيا : ومن عرف الأيا م...... . قد أفيدك في هذا لأن الشيخ الجرجاني قد تكلم على مثله وكذاك الشيخ أبي موسى. والمسألة هي إيقاع الاسم أو الضمير على العامل.
ولم أمدح لأرضيه بشعري لئيما أن يكون أصاب مالا
أعمل الفعل الأهم لم أمدح في الاسم لأن قصده النفي وأعمل غير المهم في ضميره لأن الإفصاح بالاسم ليس كالكناية بالضمير المكنى به عن الاسم وكذلك شاعرنا إنما يقصد الناس والأصل ومن عرف الأيام معرفتي بها وعرف الناس معرفتي بهم روى رمحه... . فأعمل المعرفة مقدرة بالاسم . . والله أعلم
جزاك الله خيرا.
التعديل الأخير من قِبَل عبد الله عبد القادر ; 07-12-2020 في 04:59 PM السبب: أنيكون / أن يكون
ماذا يجوز في إعراب لئيما
التعديل الأخير من قِبَل العر بية لسان قومي ; 07-12-2020 في 05:01 AM
أعتقد أن في البيت تقديما وتأخيرا، والأصل أن يقال: ولم أمدح لئيما لأرضيه بشعري، أو لم أمدح لأرضي بشعري لئيما، وتكون (لئيما) مفعولا به، وهذا ما أرجحه.
التعديل الأخير من قِبَل عبد الله عبد القادر ; 07-12-2020 في 05:18 PM
العفو شيخي.. بل بكم ومعكم تحصل الفائدة، وتتم المتعة، في هذا الصرح العلمي العتيد.
ومن تعلق قلبه بالفصيح فلا يتحمل هجرانه!
وصدقت: فالقول في الشعر؛ وبخاصة شعر المتنبي يحتاج إلى فراغ وقت وفراغ بال.
وشكر الله لك التوجيه النحوي والمعنوي للبيت المذكور، وهو نحو مما قال به الشراح : قال العكبري:
المعنى: يقول: إذا عرف أحد الأيام معرفتي بها وبأهلها، قتلهم غير راحم لهم.
وإنما المراد هنا هو تتبع حركة النظم ومعاني النحو؛ بما يفصح عن دخيلة الشاعر، وينبئ عن مكنون بيانه.
وكان بإمكان الشاعر أن يقول: من عرف الأيام معرفتي بها وبناسها؛ ولكنه قطع السياق عن ذلك، وأفرد ذكر الناس دون إضافة إلى ضمير الأيام ـ وإن كانت في سياق العطف ـ بعد سكتة لطيفة بين الشطرين؛ كأنه أراد أن يخصص الناس بمزيد مزية؛ لأنهم أصل الداء ومظنة الإفساد وعلى أيديهم قلب موازين الطبيعة وغمط الحق؛ كما قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس).
وهذا من الدقائق النظمية التي ظهرت لي في البيت، وكانت تمر علي مرور الكرام.
وأكثر بلاغات القرآن النظمية على هذا النحو؛ وهي عالية كل العلو ومعجزة كل الإعجاز، ولا تستطيعها قدرة البشر .
ومن هنا ربما كان للكلام البليغ تأثيره في النفوس؛ لأن البيان مركوز في فطرة الإنسان؛ والنفس تتشوف دائما إلى كمالاته وتجلياته.
قال تعالى : (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا)
في أنفسهم= التأثير
بليغا = البلاغة والبيان.
والتأثير مرتبط بالسيرورة؛ لأن تلك الطباع لا تزال تحن الى ما يوافق طبعها؛ فتستكثر منه وتلهج به.
ولذلك كان القرآن كأنه خطاب للروح والقلب؛ فأشربت القلوب المطمئنة به حبه والهيام به، ويسر الله الذكر به؛ فهو الكتاب الخالد والذكر المحفوظ.
والشعر والنثر البليغان في البيان سواء؛ إلا أن الشعر قد اختص بالوزن ؛ فساعد التغني به على مزيد التخييل فيه.
وروي في كتب النقد: إن كلام العرب كان كله نثرا وارتجازا قبل أن يقصدوا القصائد ويتغنوا بها.
وإذا مال النثر إلى الفنية والتأثير العاطفي اتصف ببعض صفات الشاعرية؛ وقد يكون أقرب إليها من النظم التقريري غير المؤثر.
ووسع النقاد في عصرنا هذا من أفق الإيقاع الشعري؛ فجعلوا الوزن جزءا يسيرا منه؛ ومن هنا أمكن إدخال جنس النثر الموقع في جنس الشعر. ولكنه صعب لأنه يقوم على إيقاع خفي لم يضبط إلى الآن، وأكثره تهويمات ممعنة في المدارس النقدية الحديثة في الشعر؛ كالسريالية والتجريد ونحوها..
والمتذوق الخبير النطاسي ـ كما ذكرت في شأن صاحب القهوة ـ يستطيع تمييز ما دخل من جنس في غيره.
سواء فيه دخول النثر الموقع غير الموزون في سياق الشاعرية؛ أو دخول النظم الموزون غير المؤثر في سياق النثرية والخطابية.
بل لقد كان متفرسو العرب وعلماؤهم بالشعر يميزون ما يدخل في شعر الرجل من شعر غيره؛ كما روي عن الفرزدق ــ وكان أحد الأئمة المعدودين في الفراسة بالشعر وتمييز متفاوته وهجينه:
فمما روي:
ما قال جرير لذي الرمة: أنشدني ما قلت لهشام المرئي، فأنشده قصيدته:
نَبَتْ عيناكَ عن طَللٍ بحُزْوَى = عَفَتْه الريحُ وامْتنحَ القِطارَا
فقال: ألا أعينك؟ قال: بلى بأبي وأمي، قال: قل له:
يَعُدّ الناسبون إلى تَميم = بيوتَ المجدِ أربعةً كِبارا
يَعُدُّون الرباب وآلَ سَعْدٍ = وعَمْراً ثم حَنْظلةَ الخِيارا
ويَهْلِكُ بينها المَرَئيُّ لَغْواً = كما ألغيتَ في الدِّية الحُوَارا
فلقيه الفرزدق، فلما بلغ هذه قال: جيد، أعده، فأعاده، فقال: كلا والله، لقد علكهن من هو أشد لحيين منك، هذا شعر ابن المراغة!
والله أعلم،،
وأشكرك شيخي الفاضل على تشريفك لي بالمرور والتعليق والحوار المثري.
فجزاك الله خيرًا ونفع بك ووفقك وسددك.
مع خالص التحية والمودة والتقدير،،،
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 07-12-2020 في 09:40 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
هذا في كل كتب البلاغة ياشيخ عبدالله يقولون أن أصله هكذا ولم أمدح لأرضي بشعري لئيما فصار من التنازع فأشغل الشاعر لأرضي بالضمير فعمل لم أمدح في صريح اللفظ والمغزى أن يتوجه النفي الى صريح اللفظ لأنه هو المقصود وهو الأصل وأن يتوجه لأرضي الى الضمير لأنه ليس الأصل فعمل الفعل في صريح الاسم ليس كعمله في ضميره من ناحية القوة وأعتقد أن البلااغيين نقلوه من الشيخ عبدالقاهر الجرجاني .
جزاك الله خيرا يا شيخ أحمد وبارك فيك ونفع بعلمك ولا أريد أن أشغلك عما يسغلك أكثر .
التعديل الأخير من قِبَل العر بية لسان قومي ; 09-12-2020 في 05:16 AM